فصل: تفسير الآيات (8- 11):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتخب في تفسير القرآن



.تفسير الآيات (183- 187):

{الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183) فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (184) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185) لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186) وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187)}
183- إنهم هم الذين قالوا: إن الله أمرنا في التوراة ألا نؤمن مذعنين لرسول إلا إذا دلل على صدقه بأن يأتينا بشئ يقربه لوجه الله وتنزل نار من السماء فتأكله، فقل لهم- أيها النبى-: إن رسلا من الله قد جاءوا من قبل بالأدلة الواضحة، وجاءوا بما اقترحتم، ومع ذلك كذبتموهم وقتلتموهم. فلم فعلتم ذلك إن كنتم صادقين في وعدكم بالإيمان عندما يتحقق ما تريدون؟
184- وإن كذبوك- أيها النبى- فلا تحزن، فقد سبق قبلك كثيرون كذبهم أقوامهم تعنتاً وعناداً، مع أنهم جاءوا بالأدلة الساطعة والكتب السماوية الدالة على صدق رسالتهم.
185- كل نفس تذوق الموت لا محالة، وإذا أصابتكم آلام في الدنيا فإنما توفون ثوابكم كاملاً يوم القيامة، ومن قارب النار وزحزح عنها فقد نال الفوز، وما الحياة الدنيا إلا متاع زائل يغرُّ ولا يبقى.
186- تأكدوا- أيها المؤمنون- أنكم ستختبرون في أموالكم بالنقص أو الإنفاق، وفى أنفسكم بالجهاد وبالأمراض والآلام. وأنكم ستسمعون من اليهود والنصارى والمشركين كثيراً مما يؤذيكم من السب والطعن، فعليكم أن تقابلوا ذلك بالصبر وتقوى الله، لأن ذلك من الأمور الصالحة التي يجب العزم على تنفيذها.
187- واذكر- أيها النبى- إذ أخذ الله العهد المؤكد على أهل الكتاب أن يوضحوا معانيه، وألا يخفوا شيئاً من آياته عن الناس، فألقوه وراء ظهورهم نابذين له، واستبدلوا به متاع الدنيا طالبين له، ومتاع الدنيا مهما يكن كالثمن البخس الحقير في مقابل الهداية والإرشاد فقبحاً لما فعلوا.

.تفسير الآيات (188- 190):

{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)}
188- لا تظنن الذين يفرحون دائماً بما يأتون من أفعال قبيحة ويحبون الثناء بما لم يفعلوه، لا تظنن هؤلاء بمنجاة من العذاب، لأن من شأنهم أن يغلقوا على أنفسهم باب الإيمان والحق كاليهود، ولهم عذاب مؤلم يوم القيامة.
189- الله- وحده- هو المالك لأمر السموات والأرض، وهو القادر على كل شيء، فيؤاخذ المذنبين بذنوبهم ويثيب المحسنين على إحسانهم.
190- إن في خلق الله للسموات والأرض مع ما فيهما من إبداع وإحكام، واختلاف الليل والنهار نوراً وظلمة وطولاً وقصراً لدلائل بينات لأصحاب العقول المدركة على وحدانية الله وقدرته.

.تفسير الآيات (191- 192):

{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192)}
191- وشأن أولى الألباب أنهم يستحضرون في نفوسهم عظمة الله وجلاله في كل مكان، قائمين وقاعدين وعلى جنوبهم، ويتدبرون في خلق السموات والأرض وما فيهما من عجائب قائلين: ربنا ما خلقت هذا إلا لحكمة قدَّرتها وأنت منزه عن النقص، بل خلقته دليلاً على قدرتك، وعنواناً لبالغ حكمتك، فاحفظنا من عذاب النار بتوفيقك لنا إلى طاعتك.
192- يا خالقنا والقائم على أمورنا، والحافظ لنا إن من يستحق النار وتدخله فيها فقد أخزيته، وليس للظالم الذي استحق النار من نصير يمنعه منها.

.تفسير الآيات (193- 197):

{رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194) فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195) لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)}
193- يا خالقنا والقائم على أمورنا، والحافظ لنا إننا سمعنا رسولك يدعو إلى الإيمان بك فأطعناه وآمنا به، ربنا اغفر لنا كبائر ذنوبنا وامح عنا صغائر سيئاتنا، واجعلنا بعد وفاتنا مع عبادك الأخيار.
194- يا خالقنا، والقائم على أمورنا، والحافظ لنا، أعطنا الذي وعدتنا على ألسنة رسلك من نصر وتأييد في الدنيا، ولا تدخلنا النار فتخزنا- يوم القيامة- فشأنك ألا تخلف الميعاد.
195- فأجاب ربهم دعاءهم، مبيناً لهم أنه لا يضيع على عامل منهم ثواب عمله، سواء كان ذكراً أم أنثى، فالأنثى من الذكر، والذكر من الأنثى. فالذين هاجروا يريدون وجه الله وأخرجوا من ديارهم ونالهم الأذى في سبيل الله وقاتلوا وتعرضوا للقتل، وقتل منهم من قتل، كتب الله على نفسه أنه سيمحو عنهم سيئاتهم، ويدخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار جزاءً كريماً عالياً من عند الله، والله- وحده- عنده الثواب الحسن الجميل.
196- لا تتأثر- أيها النبى- بما ترى فيه الذين كفروا من تقلب في النعيم والتصرف في التجارة والمكاسب.
197- فإن ذلك متاع زائل، وكل زائل قليل، ثم يكون المأوى الذي ينتهون إليه جهنم، وبئس منزلا جهنم.

.تفسير الآيات (198- 200):

{لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198) وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)}
198- ذلك جزاء الكافرين، أما الذين آمنوا وخافوا ربهم فلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار مخلدين فيها، نازلين في كرم الله سبحانه وما عند الله خير للأبرار مما يتقلب فيه الكافرون من متاع زائل.
199- إن بعض أهل الكتاب يؤمنون بالله وبما أنزل على محمد وبما أنزل على الرسل من قبله، تراهم خاضعين لله ضارعين إليه، لا يستبدلون بالبينات الظاهرة عرضاً من أعراض الدنيا مهما عظم فهو قليل، هؤلاء لهم الجزاء الأوفى في دار الرضوان عند ربهم والله سريع الحساب لا يعجزه إحصاء أعمالهم ومحاسبتهم عليها، وهو قادر على ذلك وجزاؤه نازل بهم لا محالة.
200- يا أيها المؤمنون تمسكوا بالصبر، وغالبوا أعداءكم به، ولازموا الثغور لحمايتها، وخافوا ربكم، ففى كل ذلك رجاء فلاحكم.

.سورة النساء:

.تفسير الآيات (1- 2):

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2)}
1- يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي أوجدكم من نفس واحدة، وأنشأ من هذه النفس زوجها، وخلق منهما رجالاً كثيراً ونساء، فأنتم جميعاً تنتهون إلى تلك النفس الواحدة، واتقوا الله الذي تستعينون به في كل ما تحتاجون، ويسأل باسمه بعضكم بعضاً فيما تتبادلون من أمور، واتقوا الأرحام فلا تقطعوها قريبها وبعيدها، إن الله دائم الرقابة على أنفسكم، لا تخفى عليه خافية من أموركم، ومجازيكم عليها.
2- ومَلّكُوا اليتامى ما يستحقون من مال، واحفظوه لهم، ولا تعطوهم الردئ وتحرموهم الجيد، ولا تأخذوا أموالهم وتضيفوها إلى أموالكم، إن ذلك كان إثماً كبيراً.

.تفسير الآية رقم (3):

{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3)}
3- وإن شعرتم بالخوف من ظلم اليتامى لأنه ذنب كبير، فخافوا كذلك أَلَمَ نسائكم بعدم العدل بينهن، والزيادة على أربع، فتزوجوا منهن اثنتين او ثلاثاً أو أربعاً إذا وثقتم بالقدرة على العدل، فإن خفتم عدم العدل فتزوجوا واحدة، أو استمتعوا بما تملك أيديكم من الإماء، ذلك أقرب إلى عدم الوقوع في الظلم والجور، وأقرب ألا تكثر عيالكم فتعجزوا عن الإنفاق عليهم.

.تفسير الآيات (4- 7):

{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4) وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5) وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6) لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7)}
4- وأعطوا النساء مهورهن عطية خالصة، وليس لكم حق في شيء من هذه المهور، فإن طابت نفوسهن بالنزول عن شيء من المهر فخذوه وانتفعوا به طيباً محمود العاقبة.
5- ولا تعطوا ضعاف العقول ممن لا يحسنون التصرف في المال أموالهم التي هي أموالكم، فإن مال اليتيم وضعيف العقل مالكم، يعنيكم أمره وإصلاحه حتى لا يضيع المال، فقد جعله الله قوام الحياة، وأعطوهم من ثمراتها النصيب الذي يحتاجون إليه في الطعام، واكسوهم وعاملوهم بالحسنى، وقولوا لهم: قولاً يرضيهم ولا يؤذيهم ولا يذلُّهم.
6- واختبروا عقول اليتامى وتبينوا أحوالهم ومعرفتهم بالتصرف قبل البلوغ، حتى إذا أصبحوا صالحين للزواج وتبينتم رشدهم وسدادهم فادفعوا إليهم أموالهم، ولا تأكلوها مسرفين مستعجلين الانتفاع بها قبل أن يبلغوا وتُردُّ إليهم. ومن كان من الأوصياء عليهم غنياً فليتعفف عن أموال اليتامى، ومن كان فقيراً فليكتف بقدر ما يكفيه عُرْفاً، فإذا سلمتموهم أموالهم فأشهدوا عليهم، والله من ورائكم هو المحاسب والمراقب، وكفى به حسيباً ومراقباً.
7- للرجال نصيب من الأموال التي يتركها الوالدان والأقربون- ميراثاً- وللنساء أيضاً نصيب مما ترك هؤلاء دون منع أو بخس، وهذه الأنصبة الثابتة مفروضة ومقدرة سواء قَلَّتْ الأموال أو كثرت.

.تفسير الآيات (8- 11):

{وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (8) وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (9) إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10) يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11)}
8- وإذا حضر قسمة التركة بعض الأقارب الذين لا يرثون من اليتامى والمساكين فأكرموهم بإعطائهم شيئاً من هذه التركة تطييباً لنفوسهم، ونزعاً للحسد من قلوبهم، ويحسن أن يشفع هذا العطاء بلين القول وحسن الاعتذار.
9- وعلى الناس ألا يظلموا اليتامى، وليخافوا على ذريتهم الضعاف أن ينالهم من الظلم ما يفعلونه مع اليتامى، وليتقوا الله فيهم، وليقولوا قولاً مسدداً نحو الحق، غير ظالم لأحد.
10- إن الذين يظلمون اليتامى بأخذ أموالهم في غير حق، إنما يأكلون ما يؤدى بهم إلى النار، فسيعذبون يوم القيامة بنار شديدة الإيلام.
11- يأمركم الله في شأن توريث أولادكم وأبويكم- إذا مُتُّم- بما يحقق العدل والإصلاح وذلك بأن يكون للذكر مثل نصيب الأنثيين إذا كان الأولاد ذكوراً وإناثاً. فإن كان جميع الأولاد إناثاً يزيد عددهن على اثنتين فلهن الثلثان من التركة. ويفهم من مضمون الآية أن الاثنتين نصيبهما كنصيب الأكثر من اثنتين. وإن ترك بنتاً واحدة فلها نصف ما ترك. وإن ترك أباً وأماً فلكل منهما السدس إن كان له ولد معهما- ولد ذكر أو أنثى- فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فقط فلأمه الثلث والباقى للأب. فإن كان له إخوة فلأمه السدس والباقى للأب ولا شيء للأخوة. تُعْطَى هذه الأنصبة لمستحقيها بعد أداء ما يكون عليه من دين، وتنفيذ ما وصَّى به في حدود ما أجازه الشارع. هذا حكم الله فإنه عدل وحكمة، وأنتم لا تدرون الأقرب لكم نفعاً من الآباء والأبناء، والخير فيما أمر الله، فهو العليم بمصالحكم، الحكيم فيما فرض لكم.